القائمة الرئيسية

الصفحات

هاشم محمد البغدادي : نابغة الزمان وعميد الخط العربي

هاشم محمد البغدادي

رحلاته لتعلم الخط

هو هاشم بن محمد بن درباس البغدادي، نابغة الزمان وعميد الخط العربي ويعتبر علماً من اعلام الخطاطين العراقيين.  ولد في بغداد  سنة 1921 م / 1339 هـ  في محلة «خان لاوند» .برع في الثلث والتعليق خاصة ونال شهرة فنية بفضل اساتذة مشهورين وبرع في بقية الخطوط العربية والزخارف الاسلامية وجاب البلاد العربية بغية الاتصال بكبار الخطاطين ، يعرض عليهم خطوطه ويطلعهم

تعلم الخط في بداية حياته في الكتاتيب حيث كان أصحاب تلك الكتاتيب  يهتمُّون بدرس الخط ويزرعون حبه في نفوس متلقيهم، وكان الاستاذ فيها يومئذ يسمى « الملا » والذي يتخذ من المسجد او من بيته مكاناً للتدريس وتعليم فنون الخط . ‏ومنهم المُلا عارف الشيخلي صاحب المدرسة الأحمدية الذي درس على يديه هاشم البغدادي، وختم القرآن الكريم وأخذ عنه أصول الخط العربي، وبقي ملازماً له يراجعه باستمرار حتى صقل موهبته، وكان يستوعب فن الخط بذكاء يستغربه الجميع، ويقلد خطوط شيخه .

 للملا عارف الشيخلي
صورة نادرة للملا عارف الشيخلي أحد أساتذة المرحوم هاشم الغدادي
وفد سبق الملا علي الفضلي ومحمد علي صابر في تدريس هاشم.
https://twitter.com/Hashim_Baghdadi
ثم انتقل ليتعلم على الخطاط الحاج علي صابر، وأخذ عنه فترة قليلة من الزمن، وأيضاً كان خطه من الجودة والإتقان بمرحلة تقارب خط الحاج علي صابر، ولما كان الحاج صابر حاد المزاج، انصرف عنه هاشم.

ثم بدأ يراجع على الشيخ المُلا علي الفضلي، الذي كان يُدرس علوم القرآن واللغة والعروض وأصول الخط العربي في جامع الفضل، وبقي هاشم يكتب ويتمرن والمُلا «علي» يصلح له ويعجب بخطه ويشجعه ويوجهه، حتى منحه الإجازة بالخط العربي سنة 1943م بعد مسيرة امتدت أكثر من عشرين عاماً. أطار أوسع فجادت عليه الايام بالملا علي الفضلي الاستاذ الفاضل الذي عرف بعلمه وورعه احبه هاشم وحفظ له الود والتقدير حتى نهاية حياته حيث كان لهذا الملا الاثر الكبير في نجاح هاشم اذ يعتبر الموجه الاول لهذا الفنان الكبير.

هاشم محمد
صورة نادرة
طريقة هاشم في الكتابة

ثم رحل الى الشام والتقى بالخطاط الدمشقي بدوي الديراني.  وذهب الى القاهرة سنة 1945، وانتسب إلى مدرسة تحسين الخطوط الملكية في القاهرة وكان قد عرض عليهم الإجازة وقدم نماذج من خطوطه، فنالت إعجاب أساتذة الخط في المدرسة، فاتخذت إدارتها قراراً بمشاركة هاشم في الامتحان الأخير للصف المنتهي دون دراسة، فحاز على المرتبة الأولى بامتياز، وأجازه الخطاط المصري الشهير سيد إبراهيم إجازة خاصة، وكذلك أجازة الخطاط محمد حسني البابا، وقد طلبت منه إدارة المدرسة أن يبقى في مصر للتدريس فيها غير أنه رفض وفضل العمل في بغداد.

ثم سافر إلى ثم شد الرحال الى استانبول تركيا، لمشاهدة الخطوط التي خلفها عظماء الخطاطين الأتراك أيام العثمانيين، والتقى هناك عن قصد بالخطاط العظيم حامد الآمدي، وعرض عليه لوحاته، وكتب عنده، فدُهش الآمدي، وأُعجب بخطوط هاشم، وقال اعجاباً به قولته المشهورة { نشأ الخط في بغداد وانتهى فيها } و معناها : أن الخط العربي بدأ حياته بظهور عملاق الخط العربي علي بن هلال المعروف بابن البواب وانتهى هذا بظهور هاشم البغدادي ..

على يد هاشم انتقلت الريادة والقيادة والرئاسة في فن الخط الى العرب بعد ان تولاها الاتراك بما يقرب من خمسة قرون وقد بقيت هذه الاصول تتجاذب اطراف فنه وهو يحاول التوفيق فيها ليكسب الحرف جمالاً الى جماله ويضيف اليه.

فأجازه مرتين، الأولى سنة 1949 والثانية سنة 1952، وفيهما من الثناء والإشادة الكبيرة ما يوضح قدر هاشم ومكانته الفنية.

هذه صورة الإجازة بالخط الديواني :

صورة إجازة من حامد الآمدي


و هذا نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم 
ولدي هاشم محمد البغدادي الخطاط شاهدت فيك الصدق والاخلاص والمحبة لهذا الفن الذي لم يندثر ما دام الاسلام باقياً واعهد فيك ان تكون من اخيارهم واول الخطاطين في العالم الاسلامي فلك اهدي ازكى التحيات لما انت عليه من تقدم دائم كتب في الاستانة سنة 1372 هـ التوقيع
موسى عزمي المعروف بحامد الآمدي .‏

بعض لوحاته 

ولقد قال عنه احد المؤرخين بالحرف الواحد: ولما كان الاستاذ حامد الآمدي قد بلغ من العمر عتياً وقد بلغ التسعين او جاوزها فقد بات الاستاذ هاشم اضبط من يكتب الحرف العربي في العالم .‏

والمرحوم الخطاط أبا راقم هاشم البغدادي يمثل ثروة قومية نادرة وحصيلة ناضجة من التراث وثمرة متكاملة من ثمرات التجارب الفنية الرائدة حيث يمثل لوحة فنية رائعة من لوحات الخط العربي كونه خلاصة مدارس ومرتكز تجارب.
فليتمتع القارئ بما كتبه من لوحاته الرائعة :


هاشم محمد الخطاط
سلام هي حتى مطلع الفجر
سورة القدر : 5 كتبها هاشم 1388 هـ

هاشم محمد البغدادي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .

واعبد ربك حتى تأتيك
واعبد ربك حتى يأتيك اليقين . صدق الله العظيم ( سورة الحجر : 99 )
كتبت بخط الثلث المتناظر

حافظ عثمان الخطاط
 { وبالشكر تدوم النعم كلها  } بخط الثلث والنسخ . ثم يليه { كتبه عثمان المشتهر بحافظ القرآن }
هذه اللوحة كتبها هاشم محاكيا للوحة الحافظ عثمان ، هدية للأستاذ المحترم محمد بدوي الديراني

سورة طه 111
سورة طه : 111
وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما


لوحات هاشم بالفارسي
لوحاته بالخط الفارسي
{ جنات عدن مفتحة لهم الأبواب } سورة ص : 50


مصحف هاشم
سورة الفاتحة بخط هاشم البغدادي رحمه الله من مصحف الحاج محمد أمين رشدي. والذي أشرف على طباعته في ألمانيا مرتين.



خط الثلث من لوحات هاشم
" وإنك لعلى خلق عظيم " تركيب دائري بديع بخط الثلث الجلي لمعلم الأجيال #هاشم_البغدادي رحمه الله


الله
لفظ الجلالة بخط الثلث الجلي بقلم  هاشم  البغدادي من مقتنيات الأستاذ صادق  الدوري


أعماله و تلاميذه ونوادر أثاره


ويوم كان في مصر عُرِضَ عليه تدريس الخط في مدرسة تحسين الخطوط غير أنه رفض وفضّل العمل في بغداد وعاد إليها يتحفها بفنه ويهبها عصارة جهده فأغنى جوامعها بشامخ أعماله وتجاوزها إلى بقية مدن العراق ومحافظاته بروائع خطوطه وبديع هندسته وزخارفه حيث شملت خطوطه الكتب والمجلات والجرائد والدواوين وأصبح فيما بعد أستاذاً‏ للخط العربي في معهد الفنون الجميلة ببغداد .وكان من تلاميذه البارزين في الخط العربي :منهم الخطاط الشاعر وليد الأعظمي و صادق الدوري وعبد الله الجبوري ومحمد القاضي ويوسف ذنون وصلاح الدين شيرزاد والخطاط طه البستاني والخطاط جمال الكباسي .  ولم يحصل أحد على إجازة منه سوى الخطاط عبد الغني عبد العزيز العاني .

كان صديقاً للفنان المعروف محمد صبري الذي كتب معظم الخرائط المهمة التي طبعتها مديرية المساحة كما تشرف بكتابة المصحف الكريم الذي كتبه الخطاط الشهير محمد أمين الراشدي ، وطبع في مطبعة مديرية المساحة . ‏كما أن له نسخة من القرآن الكريم تعتبر من أجود أعماله ، كما ظهرت نسخته القيمة للوجود عندما استقر رأي ديوان الأوقاف لاول مرة على طبع المصحف الكريم فأخبروه ليكون مشرفاً على طبعه في ألمانيا وعاد بعد أكثر من سنة وهو يحمل آية من آيات الجمال في خطوطه وزخرفته ثم تجددت فكرة طبعه مرة ثانية فاختير لهذا الواجب المقدس ومكث لهذا العمل في ألمانيا أكثر من سنتين يواصل عمله ليل نهار عاد بعدها مختتماً أعماله المجيدة بهذا العمل الرائع كما قام بخط وتصميم المسكوكات والعملات الوطنية لبلده ولبعض الاقطار العربية لتونس والمغرب وليبيا والسودان ومن شدة حرصه على ضبط قواعد الخط .

مثنى العبيدي تلميذ هاشم
قطعة أصلية للمرحوم هاشم البغدادي في حيازة الأستاذ مثنى العبيدي

ومن آثاره الخالدة ( كراسة قواعد الخط العربي ) والتي تعتبر أهم مرجع تدريبي وفني في الاعجاز الخطي للحروف العربية حيث تضم قواعد وأصول تعليم الخط مع ما يتميز به من سهولة ووضوح وعبقرية فطرية وملتقى انبعاث جمالي يأخذ بالالباب وإنه لايخلو وجودها عند أي خطاط والذي يجهل كراسته الرشيقة والمقدسة فهو جاهل في فنه وفي ما يجب أن يحظى به هذا الفنان القدير من المكانة العالية والمقترنة بالاجلال والاحترام في نفوس كل الخطاطين ومحبي وعاشقي هذا الفن الرائد .‏

ولعل من مميزات خطوط البغدادي المهمة هو التأكيد على قولبة الحروف أي إمكانية إعادة كتابة نفس الحرف لعدة مرات بصورة متطابقة تماماً ، وهذه ميزة لدى الخطاط تدعو إلى الفخر والزهو ولا يمتلكها إلا من أكثر من التمرين وأجاد وأتقن‏.

وفاته

توفي في شهر ربيع الأول / نيسان من عام 1393 هـ / 1973م.عن اثنين وخمسين عاماً وشيّع إلى مثواه الأخير في النجف الأشرف،  وبرحيله خسر العالم العربي والإسلامي عَلماً من أعلام الخط العربي وأستاذاً قَلَّ نظيره على وجه البسيطة.

دفن في مقبرة الخيزران ام هارون الرشيد بالقرب من جامع ومرقد الامام ابو حنيفه النعمان في بغداد قد جهز وكتب لوحة قبره قبل وفاته بثلاث سنين وكتب عليها الآية 21 في سورة التوبة
بخط الثلث المتداخل ثم وضعت على قبره بعد وفاته واكمل تاريخ وفاته تلميذه من بعده .

غفر الله لصاحب هذا الثغر البشوش وهذه اللحظة المكتظة بالجمال. الصورة من حساب الأستاذ أحمد الأمين.

تمت كتابة هذه المقالة مع الانتباه إلى المصادر أدناه

جميع الأعمال الفنية هي ملك لأصحابها . إذا كنت تملك حقوق التأليف والنشر لهذه الملف / الصورة وكنت لا ترغب في أن تدرج على الإنترنت يرجى الإتصال بنا ونحن سوف نزيله في أقرب وقت ممكن

تعليقات

التنقل السريع